جدول المحتويات
كتب: هاني كمال الدين
في خطوة غير متوقعة، شهدت العلاقات بين تركيا ودول آسيا الوسطى التركية تحولًا دراماتيكيًا عقب دعم كازاخستان وأوزبكستان وقرغيزستان وتركمانستان لقرارات الأمم المتحدة بشأن الاحتلال التركي لشمال قبرص. ففي إطار قمة التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول آسيا الوسطى التي عقدت في أبريل 2025، اتخذت هذه الدول مواقف دبلوماسية أدت إلى إعلانها دعم قراري مجلس الأمن الدولي رقم 541 و550، اللذين يعتبران أي محاولة لإقامة كيانات مستقلة في شمال قبرص باطلة.
الدعم الأوروبي والتحول الحاد في السياسة
لقد شكلت هذه الخطوة تحولًا كبيرًا في موقف الدول الآسيوية التقليدية التي طالما ساندت أنقرة في مختلف القضايا. حيث كانت كازاخستان أولى الدول التي بادرَت بفتح السفارة القبرصية في نيقوسيا في بداية عام 2024، في خطوة وصفتها بعض الأوساط الدبلوماسية بأنها إشارة لبدء فصل جديد من العلاقات بين تلك الدول وتركيا.
أما أوزبكستان، فقد تبعت نفس النهج في خطوة مماثلة من خلال تعزيز تمثيلها الدبلوماسي في قبرص في أواخر 2024، الأمر الذي أثار غضب أنقرة حيث اعتبرته تطورًا ينطوي على تناقض مع تاريخ العلاقة الاستراتيجية بين الجانبين.
القلق التركي والموقف الرسمي
ردًا على هذه التحولات، كانت ردود الفعل الرسمية التركية خافتة نوعًا ما، حيث لم يصرح وزير الخارجية التركي أو الرئيس رجب طيب أردوغان عن المواقف الجديدة لدول آسيا الوسطى. غياب الرد الرسمي أثار تساؤلات حول ما إذا كانت تركيا تواجه أزمة دبلوماسية أكبر من المتوقع في ظل ما وصفه البعض بـ “العزلة المتزايدة” على الساحة الدولية.
ومن جهة أخرى، قال إرسين تاتار، رئيس “جمهورية شمال قبرص التركية”، في تصريحات صحفية إن المواقف الجديدة لهذه الدول تعتبر “خيانة للأشقاء الأتراك” وإنها تتعارض مع مواقفها السابقة التي طالما وقفت إلى جانب تركيا في كل القضايا الإقليمية.
تدخل الأحزاب القومية التركية
داخل تركيا، أثار الموقف الجديد في آسيا الوسطى ردود فعل حادة من قبل الأحزاب القومية، حيث أكد رئيس حزب “الوحدة الكبرى”، مصطفى ديستجي، أن هذا التغيير يشير إلى تراجع العلاقات بين تركيا وأشقائها في المنطقة، مؤكدًا أن “دول آسيا الوسطى قد خانت مصالحها القومية” لصالح الاتحاد الأوروبي.
المواقف القبرصية: مواقف متباينة داخل الجزيرة
على الجانب الآخر، أظهرت “جمهورية قبرص” اليونانية مواقف غير مفاجئة، حيث رحبت بالخطوات الدبلوماسية التي اتخذتها دول آسيا الوسطى، معتبرة إياها اعترافًا ضمنيًا بالشرعية القبرصية اليونانية. في الوقت نفسه، تعتبر “جمهورية شمال قبرص” أن تلك الخطوات تعد تطورًا مثيرًا للقلق حول مستقبل الجزيرة التي باتت محاصرة بين مصالح دولية معقدة.
أبعاد الأزمة: تهديد لمستقبل التعاون بين الدول التركية
يتساءل العديد من المحللين عن مستقبل “منظمة الدول التركية”، التي كانت بمثابة جسر للتعاون بين دول ذات ثقافة ولغة مشتركة. فما حدث في قمة آسيا الوسطى قد يعكس بداية لمرحلة جديدة من التصدعات الداخلية داخل المنظمة، التي من المفترض أن تكون منصة موحدة للدول التركية.
هل تستطيع أنقرة تجاوز هذه الأزمة الدبلوماسية أم أنها ستجد نفسها أمام عزلة دبلوماسية قد تؤثر على مكانتها الإقليمية والدولية؟ السؤال يبقى مفتوحًا.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر