«نبض الخليج»
رأس الخيمة في 18 أبريل / وام / يأتي يوم التراث العالمي الذي يحتفي به العالم في 18 أبريل من كل عام ليعيد إلى الأذهان كنوز الإرث الإنساني المشترك الذي يروي قصص الحضارات، وحكايات التطور البشري وتفاعله مع البيئة على مر العصور.
فمنذ عام 1983، تبنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) هذا اليوم ليصبح منصة عالمية لرفع الوعي بأهمية صون المعالم والمواقع التاريخية والثقافية، التي تُعد ركائز هويتنا الجماعية ومرآة تنوعنا الحضاري الفريد؛ وفي هذا العام، نستكشف الرابط بين التراث والتنمية المستدامة، وكيف يمكن للثقافة أن تلعب دورا محوريا في بناء مستقبل أكثر توازنا وعدلا.
وفي هذا السياق، أشاد معالي الشيخ عبدالملك بن كايد القاسمي المستشار الخاص لصاحب السمو حاكم رأس الخيمة، بالرعاية الكريمة التي توليها قيادة الدولة الرشيدة للمتاحف، تلك القلاع الشامخة للمعرفة والحضارة.
ويعد معاليه قامة ملهمة في صون التراث، وشاهدا حيا على هذا الشغف من خلال تأسيس متحفه الخاص، الذي يحكي فصولا من تاريخ المنطقة.
وفي حديث خاص لوكالة أنباء الإمارات “وام” بمناسبة يوم التراث العالمي، استرجع معالي الشيخ عبدالملك بن كايد القاسمي بدايات اهتمام الإمارات بالتراث وتوثيق حياة الآباء والأجداد، مؤكدا أن بذرة هذا الاهتمام غرسها المؤسس الباني المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، وسارت على دربه القيادة الرشيدة في إحياء الموروث الشعبي وتقديمه للأجيال الصاعدة، ليتعرفوا على تفاصيل حياة الأجداد، كما هنأ حكومة أبوظبي على مبادرتها الرائدة في الإعداد لمتحف زايد المؤسس الباني رحمه الله الذي يترقب الجميع افتتاحه بشغف.
وأشار معاليه إلى أن المتاحف الخاصة التي أبدعها مواطنون شغوفون بالتراث، جنبا إلى جنب مع القلاع والحصون والعديد من المواقع التي تحفظ ذاكرة الماضي، تقدّم للعالم رسالة قيمة عن أصالة تراثنا المحلي الذي أبدعه الأجداد، بالإضافة إلى المتاحف العامة، حيث يعد ذلك برهانا ساطعا على حرص قيادتنا الرشيدة على صون التراث وتقديمه في أبهى صوره.
وعن قصة إنشاء متحفه التراثي الخاص، كشف معالي الشيخ عبدالملك بن كايد أن الدافع هو شغفه بتوثيق تاريخ دولة الإمارات العريق وتحولاته، وأنواع البيوت التي سكنها الأجداد قديما وما احتوت من أثاث وأدوات بسيطة، سواء في الجبال الشامخة أو على السواحل الدافئة، بالإضافة إلى المخطوطات والرسائل والوثائق التجارية التي تحمل بين طياتها حكايات الماضي، مشيرا إلى أن المتحف يضم أيضا كنوزا فريدة، مثل أكبر مصحف في العالم وأصغره، الذي لا يتجاوز حجمه الإنش الواحد.
وأكد معاليه أن هذا الولع بالمقتنيات التراثية ما هو إلا صدى لنهج قيادتنا الحكيمة التي تحتفي بالتراث وتكرس جهودها للحفاظ عليه ونشره بين شباب اليوم، مشيرا إلى أن زوايا المتحف تحكي قصصا من الماضي لم تعاصرها الأجيال الحالية، ومن بينها مئات الصور النادرة للمغفور لهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه المؤسسين “طيب الله ثراهم” والتي تخلد اللحظات الأولى لتأسيس الاتحاد، إضافة إلى مخطوطات ورسائل المبايعات التجارية التي تعود إلى مئات السنين، وترصد تفاصيل التبادلات التجارية في تاريخ رأس الخيمة العريق.
وأضاف معالي الشيخ عبدالملك بن كايد القاسمي أن شغفه بالتراث دفعه لإنشاء هذا المتحف الخاص في منطقة سيح الزهراء برأس الخيمة، وكانت أول قطعة جمعها عام 1961، واليوم، يضم المتحف آلاف القطع الأثرية النفيسة، من بينها سيف أسطوري صنع في سولجن الألمانية، وسيف برتغالي يعود للقرن السادس عشر وُجد في جبال رأس الخيمة ونُقش عليه “صنع في لشبونة”، بالإضافة إلى أسلحة إسلامية تقليدية تعود إلى القرن الثاني عشر الميلادي، زمن الفاتح صلاح الدين الأيوبي.
وأوضح الشيخ عبدالملك بن كايد القاسمي، أن المتحف يضم كنوزا من البنادق التراثية، بعضها يعود إلى عام 1400 ميلادية، ومنها بندقية نادرة صنعت عام 1430 وتحمل نقشا عربيا بديعا “نصر من الله وفتح قريب”، وصنعت في بريطانيا، بالإضافة إلى بنادق ضخمة تُشبه المدافع ويصل طولها إلى 170 سنتيمترا.
وأشار إلى أن البنادق القديمة جزء أصيل من تراثنا الشعبي، لما لها من أهمية وارتباط بالشجاعة واستخدامها في الحروب والدفاع قديما في دولة الإمارات، وخاصة إمارة رأس الخيمة، حيث أبدع الآباء في تزيينها بالذهب والفضة، مما جعلها رموزا أثرية لتاريخنا العريق.
وقال إن ركن السيوف في المتحف يحوي تحفا فنية، من أشهرها سيوف القواسم التي يعود تاريخها إلى 250 عاما وشهدت بطولاتهم في الدفاع عن الإمارة، بالإضافة إلى سيوف غامضة لم يُكشف عن أصلها بعد، وتتميز بإنحنائها الفريد وغمدها الذي يحوي سكاكين ونقوشا تعود إلى عام 1215 ميلادية، كما يضم المتحف سيوفا تُنسب إلى القائد صلاح الدين الأيوبي تعود لعام 1231 ميلادية.
وأشار إلى أن جناح السيوف يضم أكثر من مئات السيوف المتنوعة، بالإضافة إلى مجموعة من الأسطرلابات والأسلحة الإسلامية التقليدية التي يعود بعضها إلى القرن الثاني عشر الميلادي.
ويحتضن المتحف بين جدرانه مئات الأواني الفخارية والخزف “القيشاني” بأحجام وأشكال متنوعة، بعضها يعود إلى العصور الإسلامية الزاهرة، بالإضافة إلى الأواني المعدنية التي تزهو بنقوشها الدقيقة وجمال صنعها، وتتألق في أرجائه ألواح خشبية نُقشت عليها آيات من القرآن الكريم بخطوط النسخ والكوفي، ومجموعة كبيرة من المخطوطات والمصاحف الكبرى المنسوخة يدويا، كما يضم المتحف كنوزا أخرى مثل آلاف العملات القديمة والأحجار الكريمة، والقيود الخشبية والحديدية التي تروي حكايات الماضي، والمدافع التي شاركت في معارك الزمن، وغيرها من المقتنيات التي تحفظ ذاكرة الآباء والأجداد.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية