جدول المحتويات
كتب: هاني كمال الدين
في تحرك قضائي يعكس تصاعد الرقابة في روسيا على المحتوى الرقمي، تواجه شركة آبل الأميركية اتهامات رسمية من القضاء الروسي تتعلق بترويج مفاهيم يعتبرها القانون المحلي “غير تقليدية”، تشمل المثلية الجنسية، التحول الجنسي، والامتناع عن الإنجاب.
وثائق رسمية وتحقيقات مفتوحة
أفادت مصادر قضائية أن محكمة تاغانسكي في العاصمة موسكو تسلمت بروتوكول مخالفة إدارية ضد فرع شركة Apple Distribution International Ltd في روسيا، وذلك بموجب المادة 6.21 فقرة 3 من قانون المخالفات الإدارية الروسي، التي تحظر الترويج للعلاقات الجنسية غير التقليدية أو التحول الجنسي أو تشجيع الامتناع عن الإنجاب، خاصة عبر الإنترنت.
وحتى الآن، لم تُعلن المحكمة عن موعد محدد للنظر في القضية، ما يفتح باب التكهنات حول أبعادها القضائية والسياسية.
الإطار القانوني: مادة مثيرة للجدل في القانون الروسي
المادة المذكورة من قانون الجرائم الإدارية دخلت حيّز التنفيذ ضمن حملة وطنية أطلقتها السلطات الروسية خلال الأعوام الأخيرة، وتهدف إلى “حماية القيم العائلية والتقاليد الثقافية في المجتمع الروسي”، بحسب تعبير المسؤولين المحليين. وتنص المادة على فرض غرامات مالية على أي جهة تروج لتلك المفاهيم المخالفة، خصوصاً إذا تم ذلك عبر المنصات الرقمية.
سياق متوتر: الرقابة الرقمية تزداد تشددًا
يأتي هذا التحرك القضائي ضد آبل في سياق أوسع من التشديد الذي تمارسه موسكو ضد المحتوى الرقمي الذي تعتبره منافيًا لما تصفه بـ”القيم الروسية الأصيلة”. وتُعد هذه الخطوة استمرارًا لنهج بدأ منذ سنوات ضد منصات أجنبية مثل فيسبوك، تويتر، ويوتيوب، وبلغ ذروته بإصدار قرارات حظر وغرامات.
سلسلة مداهمات وعمليات تفتيش
سبق هذا الإجراء القضائي حادثة تفتيش طارئة نفذتها قوات الأمن الروسية لأحد فروع مكتبة “Подписные издания” في سانت بطرسبرغ، وذلك إثر شكاوى تتعلق ببيع كتب تتضمن محتوى يصنّف ضمن “الدعاية للمثلية أو التحول الجنسي”. وأسفرت المداهمة عن مصادرة عشرات الكتب، دون سابق إنذار، ما أثار موجة من الجدل بين رواد الثقافة والمجتمع المدني.
صمت آبل وتوجّس الأسواق العالمية
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تصدر شركة آبل أي تعليق رسمي بشأن القضية، الأمر الذي يعكس تحفظًا في التعامل مع الأنظمة القانونية المحلية، خاصة حين تمسّ قضايا حساسة ثقافيًا وسياسيًا. ويرى خبراء أن مثل هذه التهم قد تؤثر على استقرار عمل الشركات الغربية داخل روسيا، وقد تدفع بعضها لإعادة تقييم استراتيجياتها في السوق الروسي.
تداعيات محتملة: غرامات وتشديد الرقابة
إذا أدينت الشركة الأميركية بالتهم المنسوبة إليها، فمن المرجح أن تواجه غرامات مالية كبيرة، وربما إجراءات إضافية تمس تواجدها الرقمي في روسيا، بما يشمل قيودًا على التطبيقات أو حتى الحظر المؤقت في بعض المناطق.
المعادلة المعقدة بين السوق والقيم
إن تعقيد العلاقة بين شركات التكنولوجيا الكبرى والحكومات التي تعتمد أنظمة رقابية صارمة، يُجبر الشركات على السير في حقل ألغام قانوني وثقافي. وبينما تسعى آبل إلى الحفاظ على حرية التعبير وحماية الخصوصية، فإنها في الوقت ذاته مطالبة باحترام السياسات المحلية في البلدان التي تعمل فيها، ما يضعها في مواجهة مباشرة مع قوانين مثل تلك المعمول بها في روسيا.
قضية تتجاوز التكنولوجيا
هذه القضية، وإن كانت تتعلق بمنصة رقمية، إلا أنها تعكس صراعًا أكبر بين قيم ليبرالية تتبناها بعض الشركات العالمية، وبين قوانين محلية تحرص على ضبط المحتوى الثقافي والاجتماعي. وستكون نتائج هذا الصراع، لا محالة، حاسمة في رسم ملامح العلاقة المستقبلية بين روسيا وشركات التكنولوجيا الغربية، وعلى رأسها آبل.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر