جدول المحتويات
كتب: هاني كمال الدين
في تطور خطير هز أوساط الصحة العامة وصناعة مستحضرات التجميل، كشفت الهيئة الفيدرالية الروسية لحماية حقوق المستهلك “روس بوتريب نادزور” عن اكتشاف مادة البنزين في كريمات La Roche-Posay، العلامة الفرنسية المعروفة عالميًا بمستحضراتها للعناية بالبشرة. المادة المكتشفة، البنزين، تُعد من أقوى المواد المسرطنة، وتثير القلق لارتباطها بعدد من أنواع السرطان، أبرزها سرطان الدم.
خلفية الاكتشاف: تدخل برلماني وتحقيق رسمي
تعود بداية القصة إلى مارس من العام الحالي، حين وجّه النائب في مجلس الدوما الروسي ورئيس لجنة الصحة العامة، سيرغي ليونوف، رسالة مباشرة إلى رئيسة هيئة روس بوتريب نادزور، آنا بوبوفا، يطالب فيها بإجراء تحقيق عاجل وفوري بعد تداول تقارير حول وجود البنزين في كريمات Effaclar Duo وEffaclar Duo+M التابعة لشركة La Roche-Posay، والتي تُستخدم على نطاق واسع لعلاج حب الشباب.
وبناءً على طلب ليونوف، أطلقت الهيئة تحقيقًا موسعًا شمل تحاليل مخبرية دقيقة لعدد من عينات الكريمات المتداولة في السوق الروسية، ليتبين وجود البنزين في كريمات La Roche-Posay، وهو ما يُعد خرقًا صريحًا للوائح الفنية لاتحاد الجمارك الأوراسي الخاصة بسلامة منتجات العطور ومستحضرات التجميل.
تناقض في النتائج: منتجات مختلفة ونتائج متباينة
بحسب البيان الرسمي الصادر عن الهيئة، فإن إحدى العينات التي تم شراؤها عبر منصة إلكترونية تابعة لسلسلة صيدليات شهيرة أظهرت تطابقها مع معايير السلامة وخلوها من المواد الخطرة، بينما أثبتت عينات أخرى مخالفتها بشكل واضح واحتوائها على البنزين. وقد أثار هذا التناقض تساؤلات حادة حول مصادر التوزيع ووجود احتمالات لمنتجات مزيفة أو نسخ غير مرخصة من الكريمات.
إجراءات صارمة: إخطارات وتحقيقات قانونية
في إطار التدابير الاحترازية، أرسلت الهيئة رسالة رسمية إلى منصة التجارة الإلكترونية التي تم شراء المنتج من خلالها، تطالبها بوقف بيع الكريمات فورًا ومنع تداولها على المنصة. كما تم توجيه طلب إلى النيابة العامة في موسكو لفتح تحقيق موسع حول القضية، يشمل عمليات الاستيراد والتوزيع ومدى التزام الموردين بمعايير السلامة المعتمدة.
صدى عالمي: L’Oreal تسحب المنتج من الأسواق
قضية البنزين في كريمات La Roche-Posay لم تتوقف عند روسيا، فقد كشفت وكالة Bloomberg في تقرير حديث عن سحب الشركة الأم “لوريال” لجميع دفعات كريم Effaclar Duo من الأسواق العالمية، بعد ورود تقارير مماثلة حول وجود البنزين كمادة مكونة أو ناتجة عن تفاعل كيميائي داخل المنتج، خاصة في التركيبات التي تعتمد على “بيروكسيد البنزويل” كمادة فعالة لعلاج البكتيريا المسببة لحب الشباب.
التركيب الكيميائي محل الجدل
“Effaclar Duo” يحتوي على مادة بيروكسيد البنزويل، وهي مادة فعالة معروفة بقدرتها على قتل البكتيريا وتنظيف المسام، ولكنها عند تفاعلها مع بعض المكونات أو في ظروف تخزين معينة قد تنتج مركبات ضارة من ضمنها البنزين. ويُعتقد أن عمليات التصنيع أو ظروف التخزين غير المثلى قد تساهم في ظهور هذه المادة المسرطنة في بعض الدفعات.
تداعيات قانونية وأخلاقية: أين تكمن المسؤولية؟
تواجه شركة L’Oreal الآن ضغطًا قانونيًا وأخلاقيًا هائلًا، في ظل مطالبات متزايدة من منظمات حقوق المستهلك بالكشف عن أسباب ظهور هذه المادة الخطيرة، وتوضيح مدى الضرر الذي قد يصيب المستخدمين. كما دعت جمعيات حماية المستهلك إلى تعويض المتضررين وسحب كل المنتجات المشكوك فيها من الأسواق الدولية.
توصيات وتحذيرات رسمية
أوصت الجهات الرقابية الصحية المستهلكين بعدم استخدام أي من كريمات Effaclar Duo وEffaclar Duo+M حتى إشعار آخر، وضرورة التحقق من رقم التشغيلة والمصدر الأصلي للمنتج قبل الشراء. كما شددت على أهمية الإبلاغ عن أي أعراض جلدية غير طبيعية تظهر بعد الاستخدام، والتوجه للطبيب فورًا عند الشك بأي تفاعل سلبي.
أبعاد القضية: ما الذي تعنيه هذه الفضيحة لصناعة التجميل؟
تكشف هذه الحادثة مدى هشاشة الثقة بين المستهلكين والعلامات التجارية العالمية، ومدى ضرورة تعزيز الرقابة المستقلة على المنتجات المستوردة. كما تؤكد أن شهرة العلامة التجارية لا تعني بالضرورة سلامة منتجاتها أو التزامها الكامل بالمعايير الدولية.
التسويق والمصداقية: ضرورة إعادة النظر
فضيحة البنزين في كريمات La Roche-Posay ستشكل نقطة تحول في طريقة تعامل المستهلكين مع منتجات العناية بالبشرة. فلم تعد الشهرة أو الترويج المكثف كافيًا لإقناع المستهلك بسلامة المنتج، بل أصبح المستهلك أكثر وعيًا بأهمية المكونات وسلامتها، ما يدفع الشركات الكبرى لإعادة النظر في معايير الجودة وآليات الرقابة الداخلية.
المسؤولية تتجاوز الحدود
الحادثة أظهرت أن المسؤولية في قطاع التجميل لا تقف عند حدود المصنع أو بلد الإنتاج، بل تشمل شبكة التوزيع الدولية والمتاجر الإلكترونية والمنصات الوسيطة. وكل إخفاق في إحدى هذه الحلقات قد يؤدي إلى كوارث صحية واسعة النطاق، ما يتطلب منظومة رقابية متكاملة ومشتركة بين الدول لضمان الحماية الشاملة للمستهلك.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر