«نبض الخليج»
زيّنوا البيوت والشوارع، وامتلأت بهم المساجد وغصّت كما لم يملؤوها من قبل. أحيوا الليالي بالأذكار والأدعية براحة لم يعهدوها سنين طوال، ومدّوا موائدهم في البيوت والمساجد والشوارع. تصدّقوا وزكّوا عن أموالهم، وزاروا بعضهم بعضاً، وشربوا مشاريب الشهر، وتذوّقوا طعم المعروك وحلوياته. جاب مسحّروهم الحارات بقلوب مطمئنة، مبتدعين، على سبيل التندّر، صيحات جديدة تحمل روح الحرية، مثل: “يا نايم وحّد الدايم.. يا نايم خلّص حكم البهايم.. قوموا، العنوا روحه، قوموا.. قبل ما تتسحروا وتصوموا“.
لم تقف أي تحديات أو مصاعب مادية أو غيرها أمام إرادتهم وتمسّكهم بعاداتهم الرمضانية الأصيلة. هكذا مرّ رمضان على السوريين بعد تحررهم ومجتمعهم من قبضة الأسد ونظامه.
في هذا التقرير الخاص المدّعم بالصور، يسلط “تلفزيون سوريا” الضوء على أكثر من أربعين سيدة سورية أبدعت في تقديم مائدتها الرمضانية، حيث تابعن بكل حب واهتمام دور الأم السورية التقليدية. من إفطار العائلة إلى تحليتها، مروراً بالولائم والسحور، وصولاً إلى إيقاظ أفراد العائلة في ساعة السحر، وحتى حلوى العيد التي تكتمل بها فرحة الشهر الفضيل.
بساطة الأطباق وغنى الروح
اتفقت معظمهن على أن رمضان هذا العام مرّ بطعم مختلف على السوريين، طغى فيه غنى الروح على غنى الحال. فبالرغم من بساطة الأطباق وقلة تنوعها وتدويرها في العديد من الأيام، إلا أن لمّة الأهل واجتماع العائلة بعد سنوات من الفراق والتشتت عوّضت عن كل شيء.
التقطنا صوراً متنوعة من مختلف أيام الشهر، تُظهر تنوع موائد السوريين، بين البسيطة والغنية والمتوسطة، بعضها من نصف الشهر، وبعضها من الأيام الأخيرة التي تسترق الأمهات ساعات قليلة للتحضير للعيد، بينما بعضها الآخر من الثلث الأول الذي يحتفي فيه السوريين بالولائم وتوزيع أطايب الطعام ولذائذها على الأهل والأحبة، مكرسين طقساً اجتماعياً راسخاً عنوانه “صلة الرحم في رمضان”.
أم أمين وتقاليد الولائم
وبحسب أم أمين، 55 عاماً، فإن الولائم ودعوات الأهل تحتل الثلث الأول من الشهر، تقول أم أمين “لدينا مقولة شعبية تفيد بأن العزيمة التي تأتي بعد ذلك يقل قدرها”، وتضيف “يتمسك معظمنا بتلك العادة، مع احتمال وجود عزيمة في العشر الأخيرة لظرف طارئ ربما، أو ربما تعود وتدعو الشخص ذاته مرة أخرى”.
إلا أن أم أمين تعود وترجّح أن السبب الرئيسي هو أن الأمهات يرغبن بالدعوات في بواكير الشهر، ليتفرغن لمهام أخرى في بقيته، من تنظيف وتحضيرات للعيد، بين تسوق وتحضير الحلويات وغيرها.
تنوّع وثراء
ريما، 50 عاماً، تعتبر أن لكل أم سياسة معينة في مائدتها في رمضان، فمن غير المعقول أن يكون الطبق الأساسي دسماً كل يوم، تقول ريما إن “المقبلات الرمضانية أمر لابد منه كل يوم، وتتنوع بين مدينة وأخرى، وأحياناً بين مائدة وأخرى”.
وتضيف ريما أن “على رأسها تأتي الشوربات بأنواعها، والبرك، والفتوش، وأنواع الفتات. في حين يفضل البعض وجود المعكرونات، ويفضل آخرون وجود البطاطا المقلية، أو الكبة النية، أو حتى المحمّرة كما هو الحال عند أهالي مدينة حلب”.
ما تقوله ريما تعززه معظم الصور التي وصلتنا من سيدات استطلعنا حال موائدهن خلال الشهر، ومن مدن وبلدات سورية مختلفة.
الرغبات وحفظ النعم
وتعتبر ريما أن “الطبق الرئيسي الدسم يغطي يومين مع المقبلات عند الغالبية، ليكون الطبق الرئيسي في اليوم الذي يليه خفيفاً”، مشيرة إلى أن “لكل سيدة منا سياسة معينة في تجهيز مائدتها بما يتماشى مع رغبات عائلتها”.
وبحسب معظم السيدات اللواتي استطلعنا رأيهن والصور التي وافيننا بها، والتي عززت آراءهن، فإن توزّع محتوى المائدة خلال الشهر يرتبط في معظم الأحيان بتفرّغ الأم، أو رغبتها في إنهاء الأطباق حفظاً للنعم.
والنتيجة التي اتفق عليها الجميع هي أن السوريين لا شيء يعوقهم عن الحفاظ على طقوسهم الرمضانية وعاداتهم، التي تتجسد بالدرجة الأولى في روح العائلة التي تحيط بالموائد العامرة بأطباق تعكس طيبة من صنعوها، وإلفتهم، وعبق ريحهم الزكي.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية