جدول المحتويات
«نبض الخليج»
مع بدء العد التنازلي لانقضاء شهر رمضان المبارك، تكتسي الأسواق العربية في برلين بحلة من الفرح والبهجة، خاصةً أنه العيد الأول بعد سقوط النظام السوري، حيث تزين الأجواء الاحتفالية الأمكنة، ولا تفارق الابتسامة وجوه أبناء الجالية السورية. تسود مشاعر الفرح وتغمر منازلهم أجواء الألفة والسعادة بعد التحرير، كما وصفها من التقاهم موقع تلفزيون سوريا.
التحضير لعيد الفطر بالنسبة للجالية العربية في المجتمع الألماني لا يُعدّ مجرد لحظة احتفالية، بل هو تجسيد لهوية ثقافية راسخة تُعبّر عن التمسك بالقيم والاعتزاز بها. يرافق ذلك مظاهر العطاء والتواصل الاجتماعي، ومع تطور أساليب الاحتفال، تبقى جذور العادات متأصلة، تحمل في طياتها حكاية مجتمع يعتز بتراثه وينظر إلى المستقبل بأمل.
تبدأ استعدادات الجالية العربية لعيد الفطر في ألمانيا خلال الأسبوع الأخير من رمضان، وتنطلق مظاهر التحضير في الأحياء التي تقطنها جاليات مسلمة، حيث تكتظ الأسواق العربية بالمتسوقين.
عيد الفطر.. عطلة عرفاً في ألمانيا
في ألمانيا، كما في معظم الدول التي لا تُعدّ الأعياد الإسلامية عطلاً رسمية، يُعتبر عيد الفطر يوم عمل عادي، ويكون دوام المدارس رسميًا. لكن جرى العرف على أن يتغيب أبناء الجالية الإسلامية عن العمل أو الدراسة دون تبعات، وغالبًا ما يُخطر الأهالي إدارة المدرسة مسبقًا بأن مناسبة دينية تصادف هذا اليوم.
أبو حسين، الذي وصل إلى ألمانيا عام 2014، يقول إن هذا هو العيد الأول الحقيقي بالنسبة له: “كان كل عيد يمر علينا يعترينا الحزن والغصة، لأن بشار الأسد الذي هجّرنا وحرمنا من أهلنا وبلدنا كان لا يزال جاثمًا على صدورنا. هذا أول عيد نشعر فيه بالفرح، وننتظره بمشاعر الأطفال. لقد عادت لنا بهجة العيد بعد أن كانت مشاعر الحزن والكآبة تسيطر علينا، ونحن نشاهد من قتل أهلنا يجلس في قصره، بينما نحن في المخيمات وبلدان اللجوء”.
ويضيف لموقع تلفزيون سوريا: “اعتدنا أن نقدم القهوة المرة والتمر في الأعياد، لكن هذا العيد بدأت أم حسين بتحضير المعمول، والنمورة، والقطايف، والمبرومة بالفستق الحلبي. هذا العيد لن نسأل بعضنا أين سيصلي بشار، وهل تحصل المعجزة ويغتاله أحدهم؟ اليوم عاد لنا بلدنا، كما عادت لنا أعيادنا وأفراحنا”.
ويستعد أبو حسين للعودة إلى سوريا، لكنه ينتظر الانتهاء من بناء منزله الذي دمره قصف روسي على بلدة حمورية في ريف دمشق عام 2018.
“عيد السُّكر” في حي نويكولن
في حي نويكولن وسط برلين، وتحديدًا في شارع Sonnenallee، تنتشر محلات الحلويات الشرقية، حيث لاحظ أصحاب المحال أن الإقبال على الشراء هذا العيد كان قياسيًا مقارنة بالسنوات السابقة.
أبو سعيد، الذي يعمل في أحد المحال، يقول إن المحل يقدم أنواعًا متعددة من الحلويات الشرقية التي تراعي جميع الأذواق، مثل: المبرومة، الشرحات، البقلاوة، البلورية، كول وشكور، الوربات بالفستق الحلبي، بالقشطة، زنود الست، إسوارة الست، والأصابع. ويضيف: “حملنا معنا أسماء الحلويات وليس فقط طرق التحضير”.
ويشير أبو سعيد إلى أن بعض الألمان تأثروا بالإقبال الكبير على المحال العربية، ويستفيدون من العروض المتوفرة ليشتروا الحلويات الشرقية. ويطلق الألمان على عيد الفطر اسم Zuckerfest أي “عيد السكر”، في إشارة إلى الحلويات التي توزع احتفالًا بانتهاء الصيام.
ويختم بالقول: “الاحتفال بالعيد في ألمانيا بطقوس شرقية يعكس قيم التضامن والتبادل الاجتماعي بين أبناء الجالية العربية والمسلمة. نحن بحاجة إلى قيم التكافل الاجتماعي أكثر من أي شيء آخر في غربتنا”.
الأعياد مناسبة لحفظ الهوية في المهجر
تُعد الأعياد والمناسبات الدينية فرصة للمسلمين لإظهار مدى تمسكهم بتقاليدهم وطقوسهم، سواء في الصيام أو الاحتفال. وتدفعهم الحياة في الغربة أكثر للتمسك بموروثهم الثقافي والاجتماعي، دعمًا للتآلف والتضامن داخل المجتمع.
ويُقدّر عدد المسلمين في ألمانيا بنحو 5.5 إلى 6 ملايين مسلم، أي ما يشكّل نحو 6.5% إلى 7% من إجمالي السكان. ويشكل الأتراك النسبة الأكبر من الجاليات المسلمة نظرًا للهجرة القديمة منذ ستينيات القرن الماضي، تليهم الجالية السورية التي تضاعف عددها بعد أزمة اللجوء في 2015، ثم البوسنيون، المغاربة، التوانسة، اللبنانيون، العراقيون، المصريون وغيرهم.
وأصبح الكثير من المسلمين في ألمانيا مواطنين ألمان، إما بالولادة أو بالتجنيس. ويتوزعون جغرافيًا في المدن الكبرى مثل برلين، هامبورغ، فرانكفورت، كولن، ميونيخ. ويوجد في ألمانيا أكثر من 2500 مسجد ومصلّى، بعضها كبير وله دور اجتماعي وثقافي إلى جانب الدور الديني.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية