جدول المحتويات
«نبض الخليج»
لم يكن “سعود نايف النمر”، شيخ عشيرة “الشنابلة” في السويداء، يعرف أنه سيتحول إلى “تريند” سياسي، بعد أن وجه كلامه للرئيس الشرع، في نهاية احتفال إعلان الحكومة، قائلاً: “نحن كنا مهمّشين ع دور النظام السابق.. وع دوركم”. فالصفحات ومواقع الأخبار، أخذت مداخلة الشيخ على الفور، ووظفتها، إما لتأكيد حرية التعبير عند الإدارة الجديدة، أو لاتهامها بالاستئثار والتهميش.
بالمقابل، لم تنجُ الحكومة الجديدة، من أصابع السوريين المستنفرة دائماً على زنادات الحروف. فوزير الثقافة محمد صالح، تلقى وابلاً من الانتقادات بسبب كلمته في حفل إعلان الحكومة. وكادت الانتقادات تتحول إلى ندوة نقدية، حول الحداثة والقصيدة العربية، نتيجة افتتاحه الكلمة ببيتين من شعره، الموزون على الطريقة التقليدية!. فهل يمكن القول إن الحكومة كلاسيكية، استناداً إلى نوع الشعر الذي ألقاه السيد الوزير؟ لقد أثقلوا على صالح، بسبب غنائيته الشعرية، وهو الفائز بجائزة “فصيح العرب”، المعروف بصوته المتقن كمذيع في قناة الجزيرة.
وزيرة سورية بثياب بيضاء
22 وزيراً، ببدلات قاتمة، ووزيرة واحدة بثياب بيضاء!. الصورة لاشك ستلهب مشاعر المؤيدين للمرأة، وتثير سخطهم من ندرة النساء في الحكومة الجديدة. وعندما تظهر تلك الوزيرة الوحيدة، مربكة بعض الشيء في كلمتها، سترتفع حدة الانتقادات أكثر، فيقارنها البعض بنساء أخريات “أشطر” منها، وأكثر كاريزما في الظهور. هكذا كان على هند قبوات، وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، دخول امتحان صعب، ومواجهة شكل من التنمّر على السوشيال ميديا، نتيجة مفارقات اللوحة التشكيلية في صورة الوزراء الغامقين لونياً، وبجانبهم امرأة واحدة بيضاء. وهي “قفشات” لا يجيد التقاطها جمهور، مثل الجمهور السوري!.
الشارع السوري يعلّق
لن يغفل السوريون، عن العودة إلى الإعلان الدستوري، عندما يشاهدون الوزارات السيادية بيد المقربين من الرئيس الشرع. وبالتأكيد سيذكّرون بالصلاحيات الواسعة للرئيس “متعدّد الرئاسات”. فهو رئيس الدولة والحكومة والقوات المسلحة، إلى جانب تعيينه لأعضاء مجلس الشعب وصلاحياته في السلطة القضائية. مما يتسبب بنشاط مفرط في مخيلات الجمهور، الذي سيصفه بالرئيس “5 بـ1″، وهو ما يفاقم الانتقادات، فيصل بعضهم للقول إن هؤلاء الوزراء مجرد موظفين!.
لكن على المقلب الآخر، سيكون هناك جمهور مستعد للاصطفاف في الجانب الآخر، حيث يهرع لتذكير المنتقدين “الظرفاء”، الذين “لا يعجبهم العجب”، بحقبة الأسد السوداء، الذي كان يمشي بقاعدة “أنا ومن بعدي الطوفان”. كما لن ينسى هذا الجمهور، الحديث عن متطلبات المرحلة الانتقالية المعنية بالتأسيس والإعداد والهيكلة، ريثما يحين الوقت، للتنوع أكثر، وإجراء الانتخابات!.
ومنذ الإعلان عن أسماء الوزراء المشاركين في الحكومة الجديدة، تمنى كثيرون لو أن الإدارة السورية، تمكنت من إنجاز تفاهماتها في ملفي شمال شرقي سوريا، والسويداء في الجنوب، فرغم وجود وزراء كرد ودروز في الحكومة، لكنهم شاركوا كأفراد غير ممثلين لوجهات النظر السياسية في الشمال والجنوب.
وفي حديث مع موقع “تلفزيون سوريا”، قال الدكتور رزكار قاسم، ممثل مجلس سوريا الديمقراطي في ألمانيا: “إن قوات سوريا الديموقراطية، ملتزمة بالنقاط الثماني التي وقع عليها الجنرال مظلوم عبدي والرئيس الشرع، وكان من المفترض أن تعتبر نقاط ارتكاز في صياغة الإعلان الدستوري وتشكيل الحكومة”. ويأتي ذلك رغم وجود وزير كردي في التشكيلة الحكومية، هو وزير التربية محمد عبد الرحمن تركو.
ويكتشف المتابع، أن جدل السوريين حول الحكومة الجديدة، يتفاقم أكثر مع الوقت، وأن أي مواطن في شمال شرقي سوريا، أو جنوبها، سيقول لك على الفور، إن خمسة وزراء محسوبين على الرئيس الشرع، احتفظوا بحقائبهم أو نالوا حقائب جديدة، وهم: أسعد الشيباني في الخارجية، ومرهف أبو قصرة في الدفاع، ومحمد عنجراني في الإدارة المحلية، ومصطفى عبد الرزاق في الأشغال العامة والإسكان، وأنس خطاب في الداخلية، ومحمد البشير في وزارة الطاقة المستحدثة بعد دمج وزارتي الكهرباء والنفط والغاز.
كما سيستشهد ذلك المواطن، بالإعلان الدستوري الذي جعل الرئيس الشرع رئيساً للحكومة، ولن ينسى أن علي كده، الذي كان وزيراً للداخلية في الحكومة السابقة، تمت تسميته أمين سرٍّ للحكومة الجديدة، وسيضيف ذلك المواطن متسائلاً: “ماذا بقي لنا؟”.
وفيما يخص مدينة السويداء في الجنوب، لم يكن تكليف أمجد بدر، مهندس الزراعة المتحدر من مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية، بحقيبة الزراعة، كافياً لنيل إعجاب أهل المنطقة ورضاهم، فهم يسوقون الأسباب نفسها، التي يرددها أهالي الشمال!.
استعداد للحوار بين “قسد” ودمشق
لكن الانتقادات الموجهة للتشكيلية الحكومية الجديدة، لا يبدو أنها أفسدت للودّ قضية، بين مختلف الأطراف. فقوات سوريا الديموقراطية، وقعت اتفاقاً أمنياً مع الإدارة السورية الجديدة، بعد تشكيل الحكومة غير المرضي عنها، كما أبدى الدروز، استعدادهم للحوار حول النقاط الإشكالية، وحرصهم على سوريا الواحدة مهما كانت الظروف.
بانوراما التشكيلية الحكومية، متشعبة ومرتبطة حتى بالمؤهلات الشخصية للوزراء الجدد، فقد أثار تعيين مظهر الويس وزيراً للعدل انتقادات واسعة، لأنه لا يحمل شهادة الحقوق، بل شهادة الطب البشري، إلى جانب دراسته في معهد الفتح الإسلامي، قسم الفقه المقارن. فتساءل كثيرون، كيف سيتمكن من إدارة وزارة العدل بالشكل الصحيح.
لكن المتحمسين للحكومة الجديدة، يصرون على تسميتها بحكومة التكنوقراط، ويوردون اسم وزير الاقتصاد محمد الشعار كمثال على ذلك، وإلى جانبه وزير المالية محمد يسر برنية، وكذلك الأمر بالنسبة لأمجد بدر وزير الزراعة، ورائد صالح، وزير الطوارئ والكوارث. ويضيفون إلى ذلك، الترحيب العربي والعالمي بالحكومة الجديدة، ويقولون إن تلك الثقة، لم تكن لتعطى، لو أن الحكومة لا تستحق المراهنة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ سوريا.
وبالعودة إلى شيخ عشيرة “الشنابلة” في السويداء، “سعود نايف النمر”، فقد اضطر بعد مداخلته الشهيرة في احتفال الإعلان عن التشكيلة الحكومية، إلى الظهور في عدة فيديوهات، للرد على وسائل الإعلام التي “قطفت الكبّاية من رأس الماعون”، كما يقول المثل الشعبي، فوظفت مداخلته في غير مكانها، وقد أكد الشيخ النمر في إطلالاته تلك، ولاءه للرئيس الشرع، وتمنّيه النجاح للحكومة الجديدة، مكرراً، في الوقت نفسه، عبارة “أنا لست معارضة.. لكنني أعاني التهميش”!.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية