«نبض الخليج»
طالب أستاذ الاقتصاد في جامعة حلب، حسن الحزوري، الفريقَ الاقتصادي في الحكومة السورية الجديدة، بوضع معالجة أزمة نقص السيولة على رأس أولوياته، محذراً من آثار كارثية متصاعدة تطول الاقتصاد والمصارف وكافة الفعاليات الاقتصادية في حال استمرار هذه المشكلة.
ووضع الحزوري أزمة السيولة في خانة التحديات الجوهرية التي تقف عائقاً أمام أي تحرك اقتصادي حقيقي في البلاد، مشيراً إلى أن هذه الأزمة تُضعف الثقة بالنظام المصرفي وتُعيق النشاط الاقتصادي، كما تهدد مستقبل العمل المصرفي نتيجة التراجع الحاد في السيولة التشغيلية.
وأوضح أن السياسات المعتمدة، ولا سيما ما وصفه بـ”حبس السيولة”، دفعت المواطنين وأصحاب الأنشطة الاقتصادية إلى الامتناع عن إيداع أموالهم في الحسابات المصرفية، ما ساهم في تفاقم الأزمة بدلاً من تخفيفها، لافتاً إلى أن السيولة في الاقتصاد تضاهي الدم في شرايين الجسد، ولا يمكن لأي انتعاش اقتصادي أن يتحقق دونها.
وأشار الحزوري إلى مشاهد يومية تتكرّر في الصرافات، حيث يصطف المتقاعدون والموظفون لساعات طويلة أملاً في سحب مبلغ لا يتجاوز 200 أو 300 ألف ليرة، وفي بعض الأحيان يضطر المواطن إلى العودة مرات عدة لتسلّم راتبه، معتبراً أن هذا الهدر في الوقت والكرامة له انعكاسات مباشرة على حركة السوق ويُسهم في ارتفاع معدلات البطالة والانكماش الاقتصادي.
كما انتقد التراجع في جهود التحول نحو الاقتصاد الرقمي، مبيناً أن أغلب نقاط البيع توقفت عن العمل نتيجة رفض التجار التعامل بالدفع الإلكتروني، فيما يصرّ المصرف المركزي على فرض هذا النمط من الدفع من دون توفير بيئة مناسبة، ما زاد من تعقيد المشهد المالي.
وسلّط الضوء على ما وصفه بالعوائق “غير المنطقية” أمام فتح الحسابات المصرفية، موضحاً أن اشتراط إيداع 3 ملايين ليرة وتجميدها لفتح حساب جارٍ أمر يُعيق الشمول المالي، بينما كان من الأفضل الاكتفاء بمبالغ رمزية لا تتجاوز 50 ألف ليرة، بحسب ما نقلت صحيفة “الوطن”.
وحذّر من أن استمرار الأزمة يدفع البعض إلى استغلال حاجة المواطنين من خلال بيع الأرصدة وتحويلها مقابل عمولات مرتفعة، قد تتجاوز 10%، أو فرض أسعار صرف موازية على التحويلات بالدولار تصل نسبة الخسارة فيها إلى 30%، معتبراً أن هذه الممارسات تعزز مناخ الفساد والتحايل بدلاً من دعم الثقة بالنظام المصرفي.
الليرة الرقمية في سوريا ضرورة لا ترف
أطلق الخبير الاقتصادي حيان البرازي دعوة لاعتماد العملة الرقمية السورية وتطبيق “محفظتي السورية”، مؤكداً أن الوقت قد حان لاتخاذ قرار جريء في هذا الاتجاه، وسط تصاعد الأزمات المالية في البلاد. واعتبر أن هذه المبادرة لم تعد ترفاً، بل تحوّلت إلى ضرورة استراتيجية.
وقدّم البرازي تصوراً عملياً لتطبيق نظام محفظة رقمية سورية، تمهيداً لإطلاق “الليرة الرقمية السورية – SYP-D”، ورأى أن هذه الخطوة ستكون بمثابة حجر الأساس للتحوّل نحو اقتصاد رقمي يتمتع بمستويات أعلى من الشفافية والكفاءة.
وتحدث البرازي عن أبرز مزايا العملة الرقمية، وفي مقدمتها الحد من الفساد وتعزيز الشفافية، وذلك من خلال توثيق المعاملات المالية ضمن منصة مركزية أو باستخدام تقنية “البلوكشين”، مؤكداً أن هذا من شأنه تقليص فرص التلاعب وتسهيل مراقبة الإنفاق العام والمساعدات.
وأوضح أن استخدام العملة الرقمية سيخفف من الحاجة لطباعة العملة الورقية ويوفر سيولة مالية، كما يسهّل عمليات الدفع والشراء بشكل إلكتروني آمن وسريع.
كما أشار البرازي إلى أن المنظومة الرقمية تتيح تقديم الدعم الحكومي مباشرة إلى المواطنين عبر محافظهم الرقمية المرتبطة بأرقامهم الوطنية، ما يقلل من احتمالات الفساد أو الهدر ويوجه الدعم بشكل أكثر عدالة ودقة.
وبيّن أن التحويلات المالية من السوريين في الخارج يمكن أن تصل مباشرة إلى ذويهم داخل سوريا من دون المرور بأنظمة مصرفية معقدة، ما يوفّر الكلفة ويزيد كفاءة التحويلات.
كذلك رأى البرازي أن تبني الاقتصاد الرقمي سيخلق فرص عمل جديدة خصوصاً في قطاع التكنولوجيا المالية، ويشجع الشباب على الابتكار والمشاركة في بناء منظومة مالية حديثة.
وأكد ضرورة ربط العملة الرقمية بسلة عملات مستقرة أو أصول حقيقية مثل الذهب أو الدولار أو الفوسفات، لضمان ثبات القيمة ومنع الانهيارات، مشدداً على ضرورة إصدارها بقرار رسمي من مصرف سوريا المركزي ضمن رقابة حكومية صارمة.
واقترح أن يبدأ التطبيق التجريبي مع شرائح محددة كالموظفين أو المتقاعدين أو في محافظة واحدة، على أن يتم لاحقاً التوسيع تدريجياً تحت اسم “محفظتي السورية”، مع اعتماد نظام تحقق يعتمد على الرقم الوطني ورقم الهاتف والبصمة أو الرمز السري.
وختم حديثه بالتشديد على أهمية بناء بنية أمنية رقمية عالية، تتيح تجميد المحافظ عند الضرورة، وتوثيق كل المعاملات بدقة، بما يضمن حماية الأموال وتعزيز الثقة بالمنظومة الرقمية الجديدة.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية