جدول المحتويات
«نبض الخليج»
بعد أكثر من عقد من التضحيات والصمود، يستعد السوريون للاحتفال لأول مرة بذكرى انطلاق الثورة السورية وهم منتصرون، عقب سقوط نظام الأسد الذي جثم على صدورهم لعقود.
في منتصف آذار 2011، خرجت أولى الهتافات مطالبةً بالحرية والكرامة، لتتحول إلى انتفاضة شعبية ثم إلى صراع طويل مع الأسد السفاح، دفع فيه السوريون أثماناً باهظة من دمائهم وأحلامهم. واليوم، بعد سنوات من القصف والتهجير والمعاناة، يطوي السوريون صفحة الظلم، ويبدأون عهداً جديداً عنوانه النصر.
لم يكن الوصول إلى هذا اليوم سهلاً، فقد بقي الثوار لسنوات في بقعة جغرافية ضيقة في شمال غربي سوريا، محاصرين بين القصف والدمار، يتحملون شتى أنواع العذابات، لكنهم لم يتراجعوا، وظلوا مؤمنين بأن لحظة الانتصار ستأتي، وأن الأمل الذي حملوه في قلوبهم منذ أول مظاهرة لن يخبو.
في شوارع دمشق وحلب وحمص وحماة ودرعا، وفي جميع المحافظات السورية الأخرى، تتجدد روح الثورة في وجوه الكبار والصغار، وتصدح الحناجر بشعارات لطالما كانت محرمة. ولم تعد الاحتفالات مقتصرة على المنفى أو على مناطق محددة، بل بات صدى الثورة يُسمع في كل زاوية، ويُكتب على كل جدار. لقد انتصر السوريون، انتصروا على نظام الأسد، وعلى الخوف والاستبداد، وأثبتوا أن العدالة، وإن تأخرت، لا بد أن تتحقق.
احتفالات واسعة منتظرة بعد سنوات من المعاناة والقمع
لأول مرة منذ اندلاع الثورة السورية، يحتفل السوريون في كل المحافظات بهذه الذكرى بعد انتصارهم على نظام الأسد. وبعد سنوات من القمع والتهجير، تتحول الساحات التي شهدت أعنف الحملات الأمنية إلى ميادين فرح، حيث يتوافد السوريون من كل المدن والمنافي للمشاركة في هذا الحدث التاريخي الذي انتظروه طويلاً.
ويؤكد ناشطون سوريون أن التجهيزات لهذه المناسبة تعكس روح الثورة التي بقيت حية رغم كل المحاولات لإخمادها. فالسوريون الذين هُجّروا من ديارهم وعاشوا في المنافي لسنوات، عادوا اليوم ليشهدوا انتصار حلمهم. بعضهم لم تطأ أقدامهم أرض الوطن منذ سنوات طويلة، لكنهم الآن يعودون ليشاركوا لحظة طال انتظارها.
كما أن المدن التي عانت من القصف والدمار تشهد الآن كرنفالات شعبية، وتُقام فعاليات في مختلف الساحات احتفالًا بانتصار السوريين على القمع والاستبداد. وبينما تتزين شوارع حلب وساحاتها، تضاء ميادين دمشق، ويصدح نشيد الثورة في درعا، وترفع الشعارات في حمص وحماة.
تجهيزات وحماس كبير
في وسط ساحة الساعة الجديدة في حمص، حيث كانت الجموع تحتشد سابقاً في مظاهرات تطالب بالحرية قبل تهجير معظم سكان المدينة على يد النظام المخلوع، يقف أحمد الحمصي، أحد أبناء المدينة الذين عادوا للمشاركة في هذا الحدث التاريخي، ويصف مشاعره قائلاً: “لا أصدق أنني أقف هنا اليوم وأرى حمص تحتفل بهذه الذكرى بعد كل ما مررنا به. هذه الساحة كانت شاهدة على أصعب أيامنا، على المظاهرات، على القمع، على القصف والدمار.. لكن اليوم، ها نحن نعود إليها لنحتفل وليس لنُقمع. أشعر وكأن الزمن عاد بنا إلى تلك اللحظة التي بدأنا فيها نحلم بسوريا الجديدة، لكنها اليوم باتت حقيقة”.
وأضاف الحمصي، الذي اضطر إلى مغادرة حمص قبل سنوات بسبب المعارك والقصف المكثف، في حديث مع موقع تلفزيون سوريا: “كنت أعيش في المنفى، أتابع الأخبار عن المدينة ولا أصدق أنني سأعود إليها يومًا وهي محررة. اليوم عدت، وأرى الوجوه فرحة، وأسمع الهتافات من جديد، لكنها هذه المرة ليست مطالبة بالحرية، بل احتفالًا بها”.
أما في دمشق، أفادت مراسلة تلفزيون سوريا بأن الآلاف توافدوا مساء الجمعة إلى ساحة الأمويين وسط العاصمة، للاحتفال بالذكرى الأولى التي تأتي بعد انتصار الثورة وإسقاط نظام الأسد.
كما رصدت كاميرا “تلفزيون سوريا” مشاهد الفرح، حيث التقط السوريون الصور ورفعوا الأعلام، كذلك شهدت الساحة حضورًا لافتاً للسوريين المغتربين، الذين يعودون إلى وطنهم للمرة الأولى منذ سنوات، بعدما اضطروا إلى مغادرته هربًا من التجنيد الإجباري والاعتقالات العشوائية.
وامتدت الاحتفالات إلى ساحة العباسيين ومنطقة الشعلان، حيث التقت مراسلتنا مشاركين أكدوا أن هذه اللحظة طال انتظارها، كما قابلت سوريين توافدوا من مناطق الشمال إلى العاصمة لمشاركة الأهالي في إحياء الذكرى.
طريق طويل نحو المستقبل
رغم فرحة السوريين بهذه اللحظة التاريخية، يدرك الجميع أن الطريق نحو المستقبل ما زال طويلاً وشاقاً، فإسقاط نظام الأسد لم يكن سوى الخطوة الأولى في مسيرة استعادة سوريا، فالحرب والدمار الذي خلفه النظام لا يزالان حاضرين في كل زاوية، والمهمة الكبرى الآن هي إعادة بناء وطن مزقته سنوات القصف والتهجير والانقسام.
من البنى التحتية المدمرة إلى الاقتصاد المنهار، يواجه السوريون تحديات هائلة تتطلب عملاً دؤوباً ورؤية واضحة لإعادة سوريا إلى مسارها الصحيح.
ومع انطلاق هذه الحقبة الجديدة، يتطلع السوريون إلى مستقبل يكون فيه الوطن للجميع، دون قمع أو استبداد، وأن الأمل الذي حملوه منذ الأيام الأولى للثورة لم يكن مجرد حلم، بل كان إيماناً عميقاً بأن سوريا تستحق حياةً أفضل، وأن ما بدأوه قبل 14 عاماً لن يتوقف عند إسقاط نظام، بل سيستمر حتى تصبح سوريا دولة حرة مستقرة، يعيش فيها أبناؤها بكرامة وعدالة.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية